الرئيسية / المقالات / للشيطان سلطان على ذوي الحاجات

للشيطان سلطان على ذوي الحاجات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وبعد:
فلقد حد الشرع للعبد طريق الهدى ويسر له أسبابه، وحذره من تنكبه، وجعل لذلك أمارات وشواهد في داخل العبد من الفطرة الحنيفية، كما قال تعالى: ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )، وأقام الدلائل الظاهرة على صدقها ووجوب متابعتها وعدم الميل عنها، لذا بعث الرسل كما قال تعالى: ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )، فإذا تلاءم الباطن مع الظاهر كان الإيمان بفعل الطاعة واجتناب المعصية، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: ” إني جعلت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين فحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا “، وهذا إذا لوثت الفطرة، كما جاء في الحديث: ” ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه “، أو إذا أرهقت النفس بمطالب الحياة ولوازمها، ما أثقل كاهلها، خصوصا مع وجود الذرية، كما قال عليه الصلاة والسلام: ” الأولاد مبخلة مجبنة “، أي: من دواعي البخل وعدم الصدقة، ودواعي الجبن وعدم الشجاعة وهذا مع وجود ما يغطي الحاجات؛ فكيف إذا لم يكن ما يغطي الحاجات؛ فعندها تتعاضد هموم الدنيا وهموم الذرية لتحقيق حاجاتهم فلا يمكن، فعندها وعندها فقط، تنازع النفس رغبات وحاجات لا بد من توفيرها، حتى إذا يئس ولم يكن لديه من التدين والخلق ما يحجزه عن مواقعة الخطأ، وتهجم الهموم مع الحرمان، يتصيد الشيطان حينها هذه النفس فينصب لها شباكه الهزيلة ليوقعها فيها، وسرعان ما يقع لأن فرصة الشيطان واتت خوران النفس أمام عجزها عن تحقيق متطلبات مبادئ الحياة البسيطة للذرية والنفس، فيقع في الشباك لأن…

للشيطان سلطانا على ذوي الحاجات

بل قد يصبح الواحد مفتي نفسه ومرشدها، مستشهدا بالشرع على صحة ما يعمل، لأن سلطان الشرع وحكمه غاب أمام سلطان الحاجة مع تسلط الشيطان، فسقطت الأولويات لقاء ما يخصه، وأسقط الأحكام لقاء ما يحتاجه، بل أسقط كثيرا من معطيات الشرع لقاء تلك الحاجات وتحقيقها، فاضحى كل شيء مباحا، العام، الخاص، المشترك، مستغلا في ذلك ما له فيه حق، وما ليس له فيه حق، لأن:

سلطان الشيطان مع الحاجة أعشى بصره، فصار يسطو على ما تقع يده أو عينه عليه، وعنده حجة شرعية أن:
الحاجة تسقط الحرج..
وعلاج ذلك في تقوى الله تعالى أولا وآخرا، ثم في التكافل بين أفراد المجتمع من جهة، وبين الجهات المسؤولة والمجتمع من جهة اخرى، ثم بالرضا ولو بالقليل، وفي الحديث:
“طوبى لمن رزق كفافا وقنعه الله بما رزقه”، لكن الناس لا يصبرون مع الحاجة وتسلط الشيطان، ويريدون أن يكونوا كأصحاب الأموال في: المطعم والمشرب والمأكل والمسكن، فتعجلوا الرزق الحرام بدل الحلال كما قال تعالى: ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون )، وقى الله تعالى الجميع من الضرر، ورزقهم الصبر وحننهم على بعض، بما يدفع حاجتهم فيقطعون على الشيطان طريقه ويسقطون سلطانه.
والله تعالى أعلم.

فضيلة الشيخ الدكتور سمير مراد

شاهد أيضاً

حكم قراءة القرآن أو مسه للحائض والنفساء؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *