بركة وقف القتال في غزة

بركة وقف القتال في غزة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى، وبعد:

(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا).

فأن من مقاصد الإسلام الكبرى، حفظ النفوس والأرواح، وتحريم الاعتداء عليها، ولو كانت نفسا غير مسلمة، وإن حقن الدم خير كله، قال تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)، وقال: (أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، فالقتل إزهاق الروح، والإحياء إبقاء عليها.

ومن نظر في صلح الحديبية علم صدق ذلك تماما: وفيها حصل الصلح والسلم لعشر سنوات متتالية، والمدة حسب المصلحة التي يقدرها خبراء وليس اعتباطا، فقد حافظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأرواح والممتلكات والثروات التي هي قيام الحياة، وفي قوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين)، دليل على اعتبار حفظ النفوس، وقد كان أولا الواحد مقابل عشرة في القتال.

والناظر بحال غزة مع كل الفوارق في كل شيء: الجنود، والعتاد، والأموال، والأرض: فأن كفة العدو هي الغالبة، الأمر الذي يقرر لنا خطأ التصرف ابتداء، ووجوب إيقافه شرعا الآن، فكل من سعى لإيقاف حرب غزة فهو مصيب مأجور لأن في ذلك:

حقنا للدم، وادخارا للثروات، والعقول، والأرض، وتقوية للقضية من وجه.

بهذا الذي ننادي به ونؤيده، ونرفض كل دعوى ضده، من تلك الأصوات النشاز من أصوات الأحزاب والتنظيمات والجماعات المنهزمة نفسيا، المتعطشة لنزف الدم البريء، وللأشخاص غير المسؤولين الذين يؤيدون عدم الوقف للقتل الجماعي غير المبرر، والذي صار أداة في يد النفعيين غير المبالين بأعداد القتلى، فهؤلاء جميعا لا سمع لهم ولا طاعة، وكأن الواحد وُلد ليقتل قلبا للواقع الإسلامي الصحيح القائم على: “تناكحوا تناسلوا تكاثروا…، صار: موتوا ولا تظلوا أحياء”.

نشد على يد ولاة أمورنا ونؤيد الساعين كلهم لوقف نزف الدم، فقد آن لأهل غزة أن يعيشوا بكرامة كغيرهم من الناس، والله تعالى غالب على أمره.

وأشيد كما غيري بالدور الكبير الذي قام به جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله تعالى ورعاه، بما أولى قضية فلسطين وغزة والمقدسات، حيث أولاها الرعاية الكاملة في الحفاظ على السيادة وعلى شعب غزة من عدم التهجير، بل وكان لجلالته الدور البارز في وقف الحرب، فبارك الله تعالى في الأردن ملكا وحكومة وشعبا..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

د. سمير مراد

من يوم الأربعاء

١٦/ربيع الآخر/١٤٤٧ – ٢٠٢٥/١٠/٨