رد شبهة القول بالإنكار العلني في عمل الصحابة

رد شبهة القول بالإنكار العلني في عمل الصحابة

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وبعد: فهذا مقطع دونت فيه بعض النقاط ردا على شبهة القول بالإنكار العلني، وأن ذلك جاء في فعل الصحابة وعملهم.
فأقول:
أولاً: لا بد من معرفة الأصول التالية، لنُدرك حقيقة المسألة:
1- حق الولي أو الوالي بالرعاية والنصيحة والسمع والطاعة بالمعروف.
2- المنع من تهييج الناس والخروج على ولي الأمر بالكلام أو الفعل، وأن ذلك من أصول السلف والصحابة رضوان الله عليهم.
3- أن هناك أصولا محكمة متفقاً عليها عند أهل السنة في تغيير المنكر، هي أول ما يُرجع إليه في مثل هذه المسائل، وترد إليها الفرعيات وتحاكم إليها الوقائع والأحداث، لا كما يمارس في هذا الزمان، خُلط الحابل بالنابل، وأهملت الأصول من أجل إقامة بعض الفروع.
ثانيا: وجوب التفريق فيما حصل من إنكارات وغيرها، بين الخلافات والإنكار المتعلقة بشأن الحكم والولاية، وهي ممنوعة عند السلف، وبين الخلافات القائمة على الاختلاف في الفقه والآراء والمطالبة بها، فالكل ينكر الربا وينكر الخمر والزنا والتبرج وغير ذلك، ولا يُعد ذلك إنكاراً علنياً متعلقاً بالدولة، خصوصاً أن وجوه الإنكارات كانت آراءً شخصيةً، ليس فيها قانون دولة، وقد راجعت عامة الأمثلة التي ذكرها هؤلاء الذين يريدون تهييج الأمة، فوجدتها لا تخرج عن كونها فقهية، يطالب بها كآراء لتكون معمولا بها بين المسلمين، وعامتها كان أمام الحاكم أو ولي الأمر، ولم يكن ذلك على صفحات أو منابر أو غير ذلك من الأمور التي يُراد من خلالها تهيج المجتمعات لتثور ثائرتها على الحكام.
ثالثاً: تحديد كون المنكر منكراً في الأمور الاجتهادية، لا يعرفه إلا أرباب العلم، فيترك لهم، وأما الأمور التي يدركها عامة الناس، فليست أصلاً داخلة في موضوع الإنكار لشيوع معرفتها، فتبقى النصيحة والإنكار الخفي هو متعلقها، لا كما يقول ويفعل هؤلاء.
رابعاً: وجوب الحرص على وحدة الأمة والجماعة، ونبذ الفرقة ووسائلها، وأنا دائماً أقول: الاجتماع مع الخطأ -ما لم يكن كفراً صراحاً عندنا فيه من الله تعالى برهان- خير من التفرُّق مع الحق، خصوصاً إن كان يراد من هذا الحق الثورات، ولنا في قصة ابن مسعود خير شاهد ومثال، حين أنكر على عثمان إتمامه الصلاة في منى في الحج، فقيل له: ألا تخرجْ عليه؟ قال: الخلاف شر.
فأين لنا بمثل ابن مسعود تلميذ عُمر رضي الله تعالى عنهم جميعا، بمثل هذا العقل والحكمة ورعاية وحدة الأمة، وإلى نموذجه هذا يرد وترد كل النماذج التي مثل بها للإنكار العلني.
خامساً: رد دعوى التفريق بين النصيحة والأمر والنهي، فكلها من بعضها، لكن هذا يريده الحزبيون والثوريون تبريراً لثوراتهم المشؤومة، ليفسدوا المجتمع ويحلوا ولاية المرشد وولاية الزعماء الأحزاب والتنظيمات، مكان ولاية ولي الأمر.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

كتبه فضيلة الشيخ الدكتور سمير مراد