بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فأن الله عزوجل عظّم الدين وجعله ورضيه ديناً للناس ، قال تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) وقال:( ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
هذا ولم يجعل الله تعالى التزام دينه قسرياً فقال عزوجل 🙁 فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ، وجعل العلاقة بين المسلمين وغيرهم قائمة على الأحسان والعدل ، ما لم تكن محاربة من الطرف المقابل من الكفار ، قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) .
ومما لا شك فيه أن النصارى خير وأقرب مودة للمسلمين من اليهود درجات كبيرة ، قال تعالى: (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) ، وكما أن الله تعالى حثنا على المجادلة بالدعوة إلى الكلمة السواء بالحسنى ، قال تعالى: ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) وقال:( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله).
ومن العلاقات التي ثمّنها وباركها الاسلام ، تلك العلاقات القائمة على الاحترام والنفع ، ومنها حسن معاملة :
1ـ المعاهدين .
2ـ الموادعين .
3ـ المستأمنين .
هذا وإن مقدم البابا إلى بلاد المسلمين ، ـ الأردن ـ لم تكن إلا عن إرادة ورغبة حاكم المسلمين وولي أمرهم ، الأمر الذي يمكّن لهذا الزائر أن يتمتع بكامل ـ كغيره من الزوار أهل الكتاب ـ الأمن ، كما أنه يحسن بنا المسلمين ، أن نكون ممن يحسن اغتنام الفرص ، وليس ذلك بأظهار العداء والسب والشتم ، لأن في هذا تطاولاً على قرار ولي الأمر ، بل لا بد من وعي كامل يكون سبباً مؤدياً ، إلى مواصلة طريق تضييق الخناق على اليهود ، بفرض متابعة عملية السلام .
وعليه فأنا أخطّئ أولئك الناس الذين هاجموا البابا ، أو طالبوا بالاعتذار العلني الصريح عمّا بدر منه وهذا وإن كان حسناً .
لكن المطالبة به قد سبقت ، مما يجعل المطالبة به الآن ، تسويق لأصحاب هذه المناداة ، لكن في سوق كساد ، لا في سوق نَفاق للأسف ، وما هي إلا معارضة من أجل المعارضة.
فعلى هؤلاء ان يكونوا على درجة أكبر من الوعي للواقع الذي يعيشونه .
كما أنني أوجه خطابي إلى أهل فلسطين ، بأن يحذروا مصايد الشياطين ، إذ عليهم أن يكونوا أشد ترحيباً بقدوم البابا لهم ، وذلك على صعيدين اثنين :
الأول داخلي : وذلك بأظهار المصالحة الشاملة بين حماس والسلطة ، وخير ما يدلل به على ذلك ، أن يقوم كل منهما بفك أسر الأسرى ، والتنازل لصالح القضية الفلسطينية ، لا لصالح أطراف خارجية لا تريد الخير لأمة الاسلام فضلاً عن الشعب الفلسطيني .
الثاني : خارجي ـ إن صح التعبير ـ وذلك بضبط النفس ، وعدم الانفعال الصبياني ، فتقوم بعض الفصائل المسلحة ، بضرب بعض الصواريخ التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وإن طبّل لها الأجواف الفارغة ، لأن ضررها أكبر من نفعها وإن ظهر للأعشى بعض النفع ، فهل من ساسة يدركون بعد السياسة ليصلوا إلى تحقيق بعض الأهداف التي تنعش الشعب والقضية .
وعليه فأن من واجباتنا تجاه الحدث، أن نكون أداة تقوي نفعه العائد على المسلمين والقضية الفلسطينية ، وليس العكس .
وأتمنى على دعاة وعلماء المسلمين ، ان يعيشوا لأوطانهم وشعوبهم بتعقل ودون حماس لا يذهب بهم إلاّ إلى الهاوية ، وإن أكثر ما يحزن ، أننا نجد من الدعاة والعلماء ، من تجرهم عواطف وأهواء بعض الشعوب ، فتسلخهم عن الفهم والعمل السليم الحق ، فأنا لله وإنا إليه راجعون .
والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد
سميرمراد
الأحد
15/5/1430
10/5/2009