الرئيسية / المقالات / يوم_الأم وحكم الاحتفال به

يوم_الأم وحكم الاحتفال به

يوم_الأم وحكم الاحتفال به

   بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وبعد:
فقد كثرت مقالات الناس وفتاوى العلماء والأئمة، حول الاحتفال بيوم الأم ونحوه، هل هو جائز أم لا، ودارت الفتاوى حول الجواز والتحريم، فمن حرم قال لأنه بدعة وتشبه،ومن أباح وأجاز، قال هو من صور البر ومن أعمال الدنيا، وكلامي مع أهل العلم المدركين لفحوى وتكييف الفتاوى فأقول والله المستعان:
لا أريد الإكثار من ذكر فضل الأم وحرص الشرع على برها وإكرامها، لأن هذه من المسلمات، وسأدخل في الموضوع مباشرة فأقول:
الحكم متعلق بالمعاني لا بالمباني، إلا إذا كان المبني متضمناً لحقيقة المعنى، فالنرد مثلاً عند عامة الفقهاء ليست حراماً لأن اسمها نرد، بل للمقامرة التي تحصل بها.
والخمر ليس حراماً لمجرد تسميتها خمراً، بل لأنها تسكر، ولذا إن تخلف الوصف تخلف الحكم بلا خلاف.
والعامة يسمون هذه الأيام بالعيد، جرياً على العادة، وهذا لا يجعلنا نحكم بحرمة الاحتفال بمجرد تسمية العامة تلك، إذ لا بد من أمرٍ آخر يجلب التحريم، ولذا كانت أعدل الفتاوى في نظري –من حيث التقعيد العلمي- فتوة هيئة كبار العلماء لأنها أسقطت هذا الوجه.
التشبه: صفة قد تحمد وقد تذم، فقد يحصل التشبه في أمور محمودة ممدوحة، فيحمد المقلد فيها، ولذا ذكر الشيخ الشنقيطي في تفسيره، أن أخذ ما حسن من الحضارة الغربية، وترك السيء، مطلب شرعي، وعليه وجب أن يكون التشبه المذموم، له محددات توضح حكمه، ولذا كان الضابط عند الأئمة أن التشبه متعلق بما هو شعار على الكفار، والشعار أحد أمرين: – ما تعلق بالدين.
ما تعلق بخصائص القوم.
وبعد ذلك يأتي دور العلماء الخبراء بتنزيل الحكم على الحوادث، فمثلاً: النياحة حرام، لكن: ما هي النياحة، يأتي العلماء لتوصيف الحكم بضوابطه، وعندي أن الاحتفال بهذه الأيام لا بأس به، لأنه ليس لها متعلق ديني قط، لأنها أيام عادية، لا تعدو أكثر من كونها من وسائل وأدوات البر والإحسان، ومثلها يوم الوطن والجيش والشجرة وغيرها.
البدعة: من زعم أن هذا من البدع فقد أبعد كثيراً، لأن البدعة ما قصد منها مضاهاة الدين، وهي تشريع زائد، ليس من أمرنا، وبالنظر الفاحص، نجد أن هذه الأيام ليست من ذلك قط، لأن الباعث على البدعة هو قصد الزيادة على الدين، جعل مثل هذه الأمور من البدع، توسع غير مرضي، لأن حيز البدع سيكبر ويزيد، وهذا مما يوقع الأمة في الحرج، وهو مرفوع.
أما قول بعض العوام: هذا يوم أهل العقوق، فهذه ظلم للمسلمين، فأن منهم من يصل أمه أكثر من بعض المتحدثين بالتحريم، بل إن منهم من يزورها في اليوم مرتين.
لكن أصبح التحريم موضة يراد بها الشهرة، حاشا العلماء من ذلك – ورحم الله السلف حين قالوا: ليس الفقيه من شدد وإنما الفقيه من يسَّر.
وبعد هذا أقول:
لا مانع من طرح الفقه بين الناس، لكن بثلاثة شروط:
الأول: ألا يأخذ منحى العقائد، فليس الفقه أشعرياً ولا سلفياً ولا …. ولا …..، بل الفقه فقه واحد.
الثاني: أن يكون بعلم مؤصل.
الثالث: أن يراعى فيه أدب الخلاف.
والخلاصة، الاحتفال بيوم الأم والزواج والميلاد ونحوها هي من أيام الدنيا والعادات الأصل فيها الإباحة والجواز، والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد.
د. سمير_مراد
من يوم الإثنين
11/6/1437 – 21/3/2016

شاهد أيضاً

حكم الصور (الفوتوغرافية) وتعليقها على الجدران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *