الرئيسية / المقالات / موت ملك السعودية

موت ملك السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم
موت ملك السعودية
الحمد لله, وبعد:
فحين يأتي قدر العبد الذي لا مناص له منه, تدفعه الأقدار لمحل عقْد كفنه, ليأوي إلى بيت لأجل مسمّى, فأما ثناءٌ خالد, وإما نعيمٌ نافد, إذ لا غير ذلك عند الله عز وجل.
ولكن؛ في هذه الحياة الدنيا, وإن عمّ الثناء, أو جلّ الازدراء, فلا نفع ولا ضرر ما لم يكن العبد محلاً لذلك.
الأيام دول, والناس صنفان: سائد وخَوَل, فمن عادل مأجور-ولو بالغلبة- ومن ظالم موزور يضر عقبه, ومن مظلوم ينتظر الحق أن يرجع له, والدنيا غادية ورائحة.
حينما يموت العبد, يكثُر فيه القيل والقال, والحكم نتاج أوائل الأفكار, وقد يكون حبيس دهرٍ, وقد يكون رضيع وزرٍ.
مات حُكّام كُثُر, فطالت الأقلام كلّهم, ما ينبيك عن حقيقة المجتمع الذي نعيش فيه وكيف يفكر, وماذا يستهويه, فأن المرآة ما صُقِلَت لتلمع, لكن لتعكس صورة الناظر فيها, وكذلك العبارات, لا تُقال إلا لأجل أن تعكس فكر صاحبها, ومن أين يأخذ, وأين يضع!
حين مات الرئيس صدام حسين, تهافت الناس –حتى بعض العلماء والدُعاة وغيرهم- بالمدح والثناء والذبّ والرثاء, بل بلغ بالبعض أن ينعته بالشهيد –حقّهم- !
وحين مات الملك حسين بن طلال أو الرئيس ياسر عرفات, لم نرَ من ذلك شيئاً, بل وجدنا العكس, وسنعرف لم بعد قليل.
توالت الأيام والليالي حتى مضت الشهور والسنون, فشاء ربّنا عز وجل قبض روح الملك عبد الله آل سعود, وتهافتت أقلام بالسبّ والطعن والشتم.
قبل سنوات, أذاع الرافضة نبوءة, أن الملك الحالي –وكان عبد الله آل سعود- هو آخر ملك للسعودية, إذ بموته –زعموا- ستحصل فتنة كبيرة تستأصل شأنهم, وقد قلت يومها: هذا مخطط رافضيّ صهيونيّ, وليس بنبوءة, لأنها أنباء لهؤلاء الناس, سيحاولون إيقاعها إن تيسّر لهم, فأعقبهم الله تعالى حسرةً في قلوبهم, إذ فاتتهم الفرصة.
قلت: وبموته تعالت أصوات بالسبّ والشتم والقذع, وأُلقِيَت عليه ألقاب شنيعة, منها على سبيل المثال:
• مات داعم الإرهاب وخادم الماسونيين.
• هلاك الملك وانتقاله للعذاب الأبدي.
• داعش/ فرح المجاهدون بهلاك طاغية الجزيرة خائن الحرمين.
• الرافضة/ النتن الوهابي الذي حارب أهل البيت.
• فاقد الشرعية.
لو عقدنا مقارنة بين أنظمة الحكم, قبل موت أصحابها, ومن أراد جودة الحكم, فليَبْنِ حكمه على ما تحققه السياسات من مصالح, وقاعدة المصالح لا ترتبط بظرفٍ أو زمن, وإنما ترتبط بمقوِمات الحياة والرفاهية فيها, ومقومات الحياة أو الضرورات الإنسانية, معلومة لدى جميع الخلق فطرة, وهي: الدين, النفس, العقل, المال, النسل أو العرض, وزاد بعض المعاصرين: الحرّية.
فبقدر ما تحافظ أو يحافظ النظام على هذه الأمور, جلباً ودفعاً, بقدر ما يُحكم عليه بالحسن أو السوء.
فلو قارنّا نظام صدام حسين, الذي أطرى به الناس غاية الإطراء, بنظام الملك عبد الله آل سعود, لوجدنا ما يلي:
1- الأول شيوعي والثاني مسلم.
2- النظام الأول لا يقيم وزناً لشيءٍ من الضرورات إلا ما يُقيم النظام فقط, والثاني نظام إسلامي يحافظ على الضروريات بل والحاجيات والتحسينيات.
3- النظام الأول يعادي الدين بكل مبادئه, لأن الدين عنده رجعيّة, فقد ذكر هذا صدام حسين في مؤلفاته التي قرأتها بنفسي, والنظام الثاني ينشر الدين بكل قوةٍ قدر ما يستطيع.
4- النظام الأول يدّعي نصرة القضية الفلسطينية, ويمارس العكس, ومثله النظام الرافضي, والثاني ينصر القضية الفلسطينية قولاً وعملاً.
ولا أريد الإطالة؛ ولو تأملنا العبارات التي قيلت في هذا الرجل, لما وجدناها تخرج إلا عن فمٍ مر, أغلقت قلبه الأهواء, ومزّقت مصداقيته الرعونة, وطغى على حنجرته إحدى لهواته فأعجمت حروفه, فلا عدنا نفهم ما يريد وما يقول.
وما أشد الظلم حين يُقال للصقر دجاجة, ويُقال للخروف شاهين !!!
فالعبد يُقاس بدينه وأخلاقه, وكلٌ بحسبه, إذ الكمال مستحيل, ولكن ما غلب على العبد يُلقّب به, ولا يُنظر لدين الحاكم, كما يُنظر لدين العالم, كما لا يُنظر لسياسة العالم, كما يُنظر لسياسة الحاكم, فكلٌ بحسبه, ولعلّ الله يغفر لعبدٍ ذنبه لحسن نيّته, ولعلّ الله لا يقبل للمحسن حسنته لفساد نيّته, والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل, قال تعال: “ولا يجرمنّكم شنئآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”.
اللهم احفظ الإسلام واحفظ من يحفظ الإسلام.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتبه: سميــر مراد
الخميس: 9/4/1436 هـ
29/1/2015 م

شاهد أيضاً

حكم الصور (الفوتوغرافية) وتعليقها على الجدران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *