الرئيسية / المقالات / من أين أُتيَ السلفيون

من أين أُتيَ السلفيون

بسم الله الرحمن الرحيم 

 

الحمد لله مبين الهدى، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى،ورضي الله عن الصحابة السلف الأخيار، وبعد:

كان مما ذكرته وقلته عبارات، أشكلت على البعض، إما لغرابتها، أو لعدم معرفة الواقع الذي تحكيه، وكان حال الناس منها شتى، فمن كان من أهل العلم، فلم تشكل عليه أصلاً، وأما بعض الطلبة وبعض العوام، فمن مبدٍ ملاحظة بأدب ومحبة، والبعض الآخر ساذجون سطحيون وللأسف الأدب غير حليفهم.

وهذه العبارات هي:

السلفية رحم منتج للخوارج، بعض السلفيين غير مؤدبين خصوصاً مع المخالفين من المسلمين.

وانا أوضح أسباب ذلك فأقول:

أما قولي: السلفية رحم منتج للخوارج، فهذا صحيح، وانظر إلى الأدلة.

•        كثير ممن يزعمون الجهاد بل ويسمون أنفسهم بالسلفية الجهادية، بل ويرون أنفسهم السلفية الحقة، هم سلفيون، وعلى سبيل المثال:

•        ابن لادن، أبو قتادة الفلسطيني، سفر الحوالي، أبو محمد المقدسي وعلي بلحاج وعباس مدلي وغيرهم كثيرون، ولكل أتباع وجماعات على البسيطة ، فهؤلاء سلفيون كلهم، بل منهم من هو أمكن وأعلم بالسلفية من كثير ممن يدعونها، وقد مارسوا الخروج كلاماً وعملاً.

•        الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، نظّر في كتابه الصراط، لشيء من فكر الخوارج، بزعم أنه كلام ابن تيمية، وأنه مذهب أهل السنة والجماعة، وذلك بدعوى أن ترك جنس(أي:كل) العمل الظاهر كفر وردة عن دين الله تعالى، ووالله الذي لا يحلف إلا به،ما هذا قول ابن تيمية، فضلاً عن أن يكون قول أهل السنة والجماعة، وهنا تكمن الخطورة، فقد فرح بهذا وصدقه كثيرون في أقطار الدنيا، وصاروا يدعون له ويناظرون عليه ويتهمون من قال بضده، فصار التقاء بين التنظير والعمل، فرأينا بسبب ذلك ما رأينا.

ومما زاد الطين بلة، ما كتبه سفر الحوالي في كتابه ظاهرة الإرجاء، حيث نظّر بما جعله يحكم على الشيخ الألباني وغيره بأنه مرجئ، وهذا دليل واضح، على التأثير المنهجي في السلفيين حتى بفكر الخوارج، وأيضاً كتب فيه وحكم على ضده بالبدعة، وسفر الحوالي من قرأ كتابه “وعد كيسنجر” يجد فيه التأثّر الشديد بهذا الفكر وبفكر حزب التحرير، بل نقل من أقواله الباطلة – أعني حزب التحرير – جملاً بالحرف، ثم بعد هذا صار كل من يخالف ما كتبه سفر الحوالي مرجئاً ليس من أهل السنة والجماعة، فصار فكر الخوارج وفكر حزب التحرير حكماً على أهل السنة بسيف مسلط باسم: شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن تيمية براء من كل هذا براءة الذنب من دم ابن يعقوب.

ثم حمل الراية مشيخة في الأردن وغيره؛ صاروا يدعون لهذا وينافحون عنه، ومنهم في الأردن:

محمد أبو رحيم ومن معه من الطلاب والمشيخة!!! وكتبوا في ذلك، بل وأرسلوا بعض الأوراق لتحصيل فتوى بأن هؤلاء المخالفين: مرجأة العصر.

ولست بصدد المحاكمة بين الطرفين، كما أنني لا أتهم الجميع بأنهم خوارج أبدا؛ لكنني أحببت التدليل على اختراق السلفية بمنهج ليس منها، حتى ظن البعض جهلاً أو تلبيساً أو قصداً أنه منهج السلفيين، وليس كذلك ثم بعد هذا أيقال أن كلامي خطأ؟!

لكن كثير من الناس يزن بوزنين، ويكيل بمكيالين، وأنا لا أكترث بهم، لأن وجهتي الحق والذب عن السلفيين، ثم إن من هؤلاء المعترضين، من يقبل أن يسمى بالسلفي المعتدل، مما يدل على وجود سلفي غير معتدل، وهذا حق، لكن لماذا الإنكار على من يظهر عوار السلفي غير المعتدل ليتميز للناس ليفرقوا بين سلفي وسلفي، والله من وراء القصد.

قلت:وكذلك من المصطلحات التي أدخلت على السلفية بفهم المعتزلة مصطلح الحاكمية الموروث عن المودودي والسيد قطب الذي من خلاله – أعني مصطلح الحاكمية – قالوا بتكفير الحكام الأمر الذي فجر عواطف الشباب المتحمس الخالي من الحصانة العلمية فخرجوا بانقلابات على الحكام حتى شاعت الفوضى وكل ذلك للأسف ينسب الى السلفية وليس منها وما هو الا فهم بدعي .

قلت: ومن أكبر الأخطار التي جعلت السلفية رحماً، محاربة التقليد بطريقة عمياء هوجاء، نعم؛ حارب الأئمة التقليد الأعمى، لكن شددوا النكير أكثر فأكثر فأكثر؛ على من يتكلم في دين الله بغير علم، لكن طريقة المعاصرين، حرمت التقليد،ودعت طلاب العلم لأن يكونوا مجتهدين، ولو بغير آلة العلم والاجتهاد، حتى تصل بهم الحال؛ إلى أن صاروا يخطّئون أئمة العلم والدين، ومن المعلوم أن أصل ضلال الخوارج، هو هذا؛ أنهم حرّموا التقليد وفرضوا الاجتهاد، وهم جهلة بكل المعنى، ككثير من طلاب اليوم، فهل تظنّون أن النتيجة ستكون السلامة، لا والله بل هي الندم والملامة، وقد حصل، فكم من السلفيين الذين هم أصاغر في العلم، لمّا رأوْا أنفسهم مجتهدين، حكموا على الأكابر كالشيخ ابن باز والشيخ الألباني بأنهم حكام سلطان مأجورون؟!!

أفبعد كل هذا نريد أن ننكر أن منهجاً دخيلاً، أُشربه السلفيون، حتى لم ينجُ منه بعض كبارهم، ثم مارسوه عملياً، ثم نريد أن ننكر أن  السلفية صارت رحماً منتجاً للخوارج؟!!

ألا فثوبوا لرشدكم، فما أنا والله إلا ناصح كشف الورم الذي حسبه البعض سمناً ، ثم إن مما زاد الطين بلة، الكتابة في بعض المواضيع، لأناس لا قدرة لديهم على التفريق في الأحكام للفرق في ظروفها وملابساتها، إذ ليس كل حكم صلُح لقوم يصلح للآخرين، إما للتعذر.في الناس، أو لتغير الزمان الذي قد يكون عائقاً من ممارسة كافة التكاليف على أكمل وجه، والمثالية التي يدعو إليها البعض متعذرة جداً في زماننا إلا في حق بعض الأفراد، أما في جماعة المسلمين فلا.

أقول: هذا الأمر هو، أن ممن كتب، قد صب بعض المصطلحات صباً على مجتمع مسكين، لم تفسح له النكبات مجالاً، فكيف به يطبق ما يحتاج إلى مجتمع الصحابة أو التابعين، ومن هذه المصطلحات: الهجر، الولاء والبراء، فإذا طبقنا هذين المصطلحين، فمن سينجو من الهجر والبراء،ومن ستظل علاقتنا به صحيحة، لأنه على مبدئهم: من رمى بالحصى فنهيناه ولم ينته هجرناه، فكيف بمن يسرق ويسكر ويزني ويحلق لحيته و………و………و!!!

إذن فهذه دعوة إلى التقاطع والتدابر الجماعي لا الفردي، ثم يأتي تطبيق مصطلح الولاء والبراء، مما يحدث تطوراً فكرياً زمنياً، يصل به الشخص إلى إيجاد حل، فلا يرى أمامه سوى! تغيير المنكر باليد، وهو حقيقة الخروج، وهذا ما حصل.

ونحن نرى أن أكثر من صنف في هذا هم مؤلفوا السلفيين، نعم هي أصول دينية، لكنها زرعت في غير موطنها، فأنبتت نباتاً سيئاً عياذاً بالله تعالى، ثم نرفض مقولة: السلفية باتت رحماً لإنتاج التكفيريين والخوارج؟!

إلى الله المشتكى من غض الطرف عن الخطأ بل وجعله صواباً عياذاً بالله تعالى.

وأما الأخلاق، فحدث عن الممارسة السيئة لها ولا حرج، خصوصاً الكبر والعجب وازدراء الخلق، ورؤية النفس فوق الناس، وكما أقول دائماً، من السلفيين من صار يرى بممارسته العملية، أن السلفية ختم نقش فيه: أيها السلفيون اعملوا ما شئتم إني قد غفرت لكم، معاذ الله تعالى من ذلك، لأن السلفية والسلفيين أرحم الخلق بالخلق، كما كان رسول الله– صلى الله عليه وسلم – ، ولذا فهم أشد الناس إعذاراً للناس، يسترون على المذنب، لكن صار شعارهم إلا من رحم الله فضحه والطعن فيه، لأنه جرح وتعديل، والواقع منهم الجرح دون التعديل، ماذا أقول: وقد ابتلي السلفيون بضعف العلم والأخلاق، إلا من رحم الله، حتى غدى واحدهم لا يرى من الأئمة الأربعة، الذين لو اجتمعت أمة العصر، لم تنتج واحداً مثلهم، ثم يأتي النبات الأصغر المريض الكدِر، فيقول: نحن رجال وهم رجال، أنّى لك الرجولة يا هذا، نسأل الله محاسن الأخلاق، ونعوذ به من سفسافها، وقد كان ابن تيمية إذا أعضلته مسألة، يخرج فيمرغ لحيته بالتراب وهو يدعو ويدعو ويدعو ويقول وهو يمرغها: يا معلم إبراهيم علمني ويا مفهم سليمان فهمني، واليوم تعرض على أحدهم المسألة العظمى، فليس أكثر من أن يرفع حاجبه تيهاً وكبراً ثم يجيب؛ ولو لم يكن يعلم من أمرها شيئاً، لأنه يعرف أن العلماء اختلفوا، فحينها سيبحث ويجد قولاً يؤيد قوله:( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين).

قلتها غيرة وحسرة، ثم ألا هل بلّغت أرجو، اللهم فاشهد، وأستغفر الله وأتوب إليه.

 

توضيح :-

 

هذا المقال جاء لمعالجة ظاهرة خطيرة وهي وجود انحراف فكري بسبب منهجية علمية خطأ أدت ببعض من ينتسب إلى السلفيين وهم على الأقل في هذه الجزئية ليسوا من السلفيين  أن يتبنوا فكر الخوارج  فأردت البيان من اجل الحذر والله اعلم .

 

سمير مراد

18/جمادى الأولى/1432

22/4/2011

شاهد أيضاً

حكم قراءة القرآن أو مسه للحائض والنفساء؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *