الرئيسية / المقالات / الرد على معالي الأستاذ بسام حدادين في اتهامه ابن تيمية بالتطرف

الرد على معالي الأستاذ بسام حدادين في اتهامه ابن تيمية بالتطرف

بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على معالي الأستاذ بسام حدادين في اتهامه ابن تيمية بالتطرف

الحمد لله وبعد:
فبالأمس القريب تكلمت السيدة زليخة، واليوم يتكلم معالي الأستاذ حدادين، وليت كل واحد يتكلم بلسان عقيدته، إذن لهان الخطب، لكن لما علم كلاهما، أن دين كل واحد منهما الذي ينتسب إليه، لن يقبل بكلامه، تكلم كل منهما من خلال المنهج الفكري الذي ينتسبان إليه:
الفكر الشيوعي، وكما رددت على السيدة زليخة، سأرد على معالي الأستاذ حدادين، أعني باختصار شديد، أنقل جملاً من عشرات الجمل، تبين براءة ابن تيمية من كل خروج أو تطرف، لكن: قدمه السذج بفهمهم فغلطوا، وغلط الناس حين ظنوا أن فهوم هؤلاء، هو فهم ابن تيمية، ولن أرتب المواضيع، لأن مقصودي البيان لا أكثر.
محبَّة أهل البيت وموالاتهم, وبيَّن أنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عدَّها من أصول أهل السُّنة والجماعة، فذكر من أصولهم أنهم: (يحبُّون أهل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ويتولَّوْنهم، ويحفظون فيهم وصيَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال يوم غَديرِ خُمٍّ: (أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي) مجموع الفتاوى ١٥٤/٣.
وقد أوجب الله علينا محبة هذا البيت الكريم تبعاً لمحبة مُشرّفهم صلى الله عليه وسلم ، فمحبتهم وبرهم من محبته وبره ، وبغضهم من بغضه ، فهي عندنا فرض واجب كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ، ويؤجر العبد عليه . انظر مجموع الفتاوى ٤٨٧/٤.
الكفر ضد لأصل الإيمان، لأن للإيمان أصلا وفروعا، فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل الإيمان الذي هو ضد الكفر.
يقول رحمه الله تعالى: “فإذا حصل من يقوم بالدين من العلماء أو الأمراء أو مجموعهما، كان بيانه لما جاء به الرسول شيئا فشيئا، بمنزلة بيان الرسول لما بعث شيئا فشيئا، ومعلوم أن الرسول لا يبلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به، ولم تأت الشريعة جملة، كما يقال: إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع، فكذلك المجدد والمحيي لسنته، لا يبلغ إلا ما أمكن عمله والعمل به، كما أن الداخل في الإسلام لا يمكن حين دخوله أن يلقن جميع شرائعه ويؤمر بها كلها، وكذلك التائب من الذنوب والمتعلم والمسترشد، لا يمكن في أول الأمر أن يؤمر بجميع الدين ويذكر له جميع العلم، فأنه لا يطيق ذلك، وإذا لم يطقه لم يكن واجبا عليه في هذه الحال، وإذا لم يكن واجبا عليه للعالم والأمير أن يوجبه جميعه ابتداء، بل يعفو عن الأمر والنهي بما لا يمكن علمه وعمله إلى وقت الإمكان، ولا يكون ذلك من باب إقرار المحرمات وترك الأمر بالواجبات، لأن الوجوب والتحريم مشروط بإمكان العلم والعمل، وقد فرضنا انتفاء هذا الشرط، فتدبر هذا الأصل فأنه نافع”. ا.ه الفتاوى ٦٠،٩٥/٢٠.
فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف، أو في وقت هو فيه مستضعف؛ فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين.
وقال: “والجهاد ينقسم أقساما ثلاثة: أحدهما: الدعاء إلى الله تعالى باللسان. والثاني: الجهاد عند الحرب بالرأي والتدبير. والثالث: الجهاد باليد في الطعن والضرب. القسم الثالث: وهو الطعن والضرب والمبارزة، فوجدناه أقل مراتب الجهاد ببرهان ضروري، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك عند كل مسلم في أنه المخصوص بكل فضيلة، فوجدنا جهاده صلى الله عليه وسلم إنما كان في أكثر أعماله وأحواله بالقسمين الأولين من الدعاء إلى الله عزوجل والتدبير والإرادة، وكان أقل عمله الطعن والضرب والمبارزة، لا عن جبن، بل كان أشجع أهل الأرض قاطبة نفسا ويدا، وأتمهم نجدة، ولكنه كان يؤثر الأفضل فالأفضل من الأعمال، فيقدمه ويشتغل به”. ا.ه منهاج السنة النبوية ٨٨،٨٧/٨.
قال رحمه الله تعالى: “وهو -قلت: أي الإيمان- مركب من أصل لا يتم بدونه، ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة، ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة، فالناس فيه ظالم لنفسه ومقتصد وسابق، كالحج، وكالبدن، والمسجد، وغيرهما من الأعيان والأعمال والصفات، فمن سواء أجزائه ما إذا ذهب نقص عن الأكمل، ومنه ما نقص عن الكمال: وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات، ومنه ما نقص ركنه: وهو ترك الاعتقاد والقول الذي يزعم المرجئة والجهمية أنه مسمى فقط، وبهذا تزول شبهات الفرق، وأصله القلب وكماله العمل الظاهر، بخلاف الإسلام فإن أصله الظاهر وكماله القلب”. ا.ه من مجموع الفتاوى ٦٣٧/٧.
قال: “وجواب هذا أن يقال: الذين قالوا من السلف: إنهم خرجوا من الإيمان إلى الإسلام لم يقولوا: إنه لم يبق معهم من الإيمان شيء، بل هذا قول الخوارج والمعتزلة، وأهل السنة الذين قالوا هذا يقولون: الفساق يخرجون من النار بالشفاعة، وإن معهم إيمان يخرجون به من النار، لكن لا يطلقون عليهم اسم الإيمان، لأن الإيمان المطلق هو الذي يستحق صاحبه الثواب ودخول الجنة، …..، وحقيقته أن من لم يكن من المؤمنين حقاً يقال فيه إنه مسلم، ومعه إيمان يمنعه من الخلود في النار، ….” ا.ه الفتاوى ٢٤٠/٧.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “هما به كفر: أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس، فنفس الخصلتين كفر، حيث كانتا من أعمال الكفار وهما قائمتان بالناس، ولكن ليس كل من قام به شعبه من شعب الكفر يصير كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر” ا.ه اقتضاء الصراط المستقيم ٢٠٨،٢٠٧/١.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وأما أهل العلم والدين والفضل، فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه: من معصية ولاة الأمور، وغشهم، والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عُرِف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا، ومن سيرة غيرهم” ا.ه مجموع الفتاوى ٣٥/١٢.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة ٣١٩/٣: ” ولعله لا يكاد يُعرف طائفة خرجت على ذي سلطان؛ إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته”.
وقال رحمه الله تعالى في: ٥٣١،٥٢٧/٤: “وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر ، أعظم مما تولد من الخير”.
قال: ومن هذا الباب تولي يوسف الصديق على خزائن الأرض لملك مصر، بل سؤاله أن يجعله على خزائن الأرض، وكان هو وقومه كفارا، ….، ومعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وسنة في قبض الأموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته، ولا تكون تلك جارية على سنة الأنبياء وعدلهم، ولم يكن يوسف يمكنه أن يفعل كل ما يريد وهو ما يراه من دين الله فإن القوم لم يستجيبوا له، لكن فعل الممكن من العدل والإحسان، ……..، قال: فأذا ازدحم واجبان لا يمكن جمعهما فقدم أوكدهما، لم يكن في الآخر في هذه الحال واجبا، ولم يكن تاركه لأجل فعل الأوكد تارك واجب في الحقيقة، وكذلك إذا اجتمع محرمان لايمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما، لم يكن فعل الأدنى في هذه الحال محرما في الحقيقة، وإن سمي ذلك فعل واجب وسمي هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم يضر، ويقال في مثل هذا ترك الواجب لعذر وفعل المحرم للمصلحة الراجحة أو للضرورة أو لدفع ما هو أحرم، …….
وهذا باب التعارض باب واسع جدا، لا سيما في الأزمنة والأمكنة التي نقصت فيها آثار النبوة وخلافة النبوة، ……، قال: فينبغي للعالم أن يتدبر أنواع هذه المسائل، وقد يكون الواجب في بعضها -كما بينته فيما تقدم- العفو عن الأمر والنهي في بعض الأشياء لا التحليل والإسقاط، مثل أن يكون في أمره بطاعة، فعلا لمعصية أكبر منها، فيترك الأمر دفعا لوقوع تلك المعصية، …… .
قال: ومثل أن يكون في نهيه عن بعض المنكرات تركا لمعروف هو أعظم منفعة من ترك المنكرات، فيسكت عن النهي خوفا أن يستلزم ترك ما أمر الله به ورسوله مما هو عنده أعظم من مجرد ترك ذلك المنكر” ا.ه ٦١،٥٤/٢٠ باختصار، وانظر في هذا المبحث أيضا الفتاوى ٢١٧/١٩-٣٥٦/٣٠.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل -يعني دقائق أصول الدين- ولم يشهد منهم أحد على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية” ا.ه مجموع الفتاوى ٢٢٩/٣.
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: “وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة، كالنساء والصبيان والراهب، والشيخ الكبير، والأعمى، والزمِن ونحوهم، فلا يُقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر، إلا النساء والصبيان لكونهم مالا للمسلمين، والأول هو الصواب، لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار ديننا، كما قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذي يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) ا.ه مجموع الفتاوى ٣٥٤/٢٨.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “هما به كفر: أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس، فنفس الخصلتين كفر، حيث كانتا من أعمال الكفار وهما قائمتان بالناس، ولكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر” اقتضاء الصراط المستقيم ٢٠٨،٢٠٧/١.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “وأما أهل العلم والدين والفضل، فلا يرخّصون لأحد فيما نهى الله عنه: من معصية ولاة الأمور، وغشهم، والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عُرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا، ومن سيرة غيرهم”. ا.ه مجموع الفتاوى ١٢/٣٥.
قال: “وجواب هذا أن يقال: الذين قالوا من السلف: إنهم خرجوا من الإيمان إلى الإسلام لم يقولوا: إنه لم يبق معهم من الإيمان شيء، بل هذا قول الخوارج والمعتزلة، وأهل السنة الذين قالوا هذا يقولون: الفساق يخرجون من النار بالشفاعة، وإن معهم إيمان يخرجون به من النار، لكن لا يطلقون عليهم اسم الإيمان، لأن الإيمان المطلق هو الذي يستحق صاحبه الثواب ودخول الجنة، ……، وحقيقته أن من لم يكن من المؤمنين حقا يقال فيه إنه مسلم، ومعه إيمان يمنعه من الخلود في النار، …. .” ا.ه ٢٤٠/٧.
وختاما
فأنا أتوجه لأصحاب القرار، بضرورة الاضطلاع بمهامهم تجاه دينهم ووطنهم، من إيقاف أمثال هؤلاء قبل أن يستفحل الأمر، والحرية لا تعني التطاول، وكلكم راع ومسؤول عما استرعاه الله تعالى
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

د.سمير مراد

من يوم الجمعة

١٤٣٩/١٢/٦-٢٠١٨/٨/١٧

شاهد أيضاً

حكم قراءة القرآن أو مسه للحائض والنفساء؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *