الرئيسية / المقالات / أحداث نيروبي جريمة مستنكرة

أحداث نيروبي جريمة مستنكرة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وبعد:

 

فاللهم أجرْنا في مصائبنا وأخلف لنا خيراً منها، ثم كنت قد جعلت مصنفاً صغيراً في بيان خطر المصطلحات، حين تستعمل في غير موطنها ومحلها ومعناها المقصود للشرع، إذ يترتب على ذلك تغيير الدين، ومن هذه المصطلحات التي ذكرتها، مصطلح الجهاد، حيث قلب معناه من الحق إلى الباطل.

والمصطلحات لها تأثير عميق وقوي في كل مجتمع، لأن المصطلحات هي مفردات الخطاب والتفاهم بين الناس، بل هي اختزال لثقافة الأمم، ذلك أن كل أمة لها مجموعة من المصطلحات يتفاهمون بها، ومصطلحات المسلمين لها ارتباط وثيق باللغة العربية، لأن ديننا – من كتاب وسنة – بلغة العرب، وعليه فما من صاحب مصطلحٍ ولو كان باطلاً، إلا ودلل عليه باللغة ومن خلال الكتاب والسنة، دون النظر إلى مساحات اللغة ودلالتها، حيث قد يختلف المعنى باختلاف موضع الكلمة والمصطلح.

مع التنبيه على أن مصطلحات الشرع، لا يدرك طبيعة معناها سوى العلماء الذين مارسوا العلم والفقه الشرعي، حتى صار سمة لهم، وصاروا لقوة إدراكهم لذلك، يضعون اللفظ موضعه من المعنى المقصود للشرع.

حتى برز أناس، جاؤوا بمصطلح اللغة والشرع، لكن وضعوه في غير موضعه، فمنهم من سمى المنكر معروفاً والعكس، ومنهم من سمى الظلم عدلاً – عياذاً بالله – كما فعل ذو الخويصرة مع النبي صلى الله عليه وسلم.

واليوم ممارسات بعض المسلمين، المنستبين للجهاد زوراً وبهتاناً، قد قلبوا على الأمة معنى الجهاد، فانقلب من دفع الظلم وجلب المصلحة، إلى دفع المصلحة وجلب الظلم، فصار الجهاد قتل الأبرياء، وتدمير الأموال المحترمة، والاعتداء على كل من تسول لهم أنفسهم بذريعة جهاد الكفار، مع أنهم كثيراً ما يقتلون المسلمين، لكن لا تعجب أخي حين تعلم، أن هذا المسلم قد انقلب مصطلحه إلى مرتد.

ولو فحصنا حال هؤلاء، لوجدناهم خُلُوَّاً من العلم والحلم معاً، وبعضهم قد يعاني من أزمات نفسية، وأمراض عقلية، تدفع بهم إلى تخاذ قرارات وتواقيع ليس عن العلماء أو عن الأمة فحسب، بل إنهم وقعوا عن رب العزة عزوجل، وما ذلك إلا تقريراً من الشيطان.

ومن حطام زوايا كهنة قتل الأنفس المحترمة البريئة، خرجت علينا اليوم مجموعة تدعى ب: حركة الشباب الصومالية، فقامت باعتداءٍ آثم، على بلد مسكين ضعيف، بأحداث انفجار في نيروبي في مركز للتسوق، راح ضحيته أمة بأسرها، بل الأمة والناس جميعاً، فأن الله عزوجل قال ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً)، فهل لو فكر هؤلاء بعكس القضية، أما كان خيراً لهم، بأن يحيوا النفوس بدل أن يقتلوها، لكن كيف يحيي نفوس البشر، من عجز عن إحياء نفسه، والجريمة أن ينسب هذا للإسلام والمسلمين والجهاد، ثم يعتذر البعض بمأزق عقلي، أن هذه التهم تقال للمسلمين زوراً وبهتاناً لتشويه الدين والمسلمين.

عجز هؤلاء عن قول الحقيقة لصد ورد العدوان، فمالوا إلى ما يزيد من الاحتقان، ويزيد من عمل مثل هذه الجرائم، ما دام أنها ستعلق على شماعة: هذا يراد منه تشويه الإسلام والمسلمين، مع اعتراف واضح لا لبس فيه، بأن من قاموا به مسلمون، فبأي عقول يتحدث هؤلاء، وبم – لا أقول نعتذر للناس – بل بم نعتذر إلى الله عزوجل عن مثل هذا.

أسأل الله عزوجل نهوض أهل العلم للتصدي لمثل هذه الأمور حتى – على الأقل – نوضح للفاعل وغيره، أن الإسلام بريء من هذه الجرائم، فيجب أن تعلق بصاحبها لا بدين الله تعالى.

والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…

 

مؤسس ورئيس المركز

د. سمير مراد الشوابكة

16/11/1434 —– 22/9/2013

من يوم الأحد

شاهد أيضاً

حكم الصور (الفوتوغرافية) وتعليقها على الجدران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *