بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن من الترف العلمي ان تبحث مسائل قد لا تخطر ببال ، فضلاً عن أن تطرح للنقاش كي تصير قانوناً تمارس باسم الدولة او القضاء ، وهذا مثل مسألت جماع أحد الزوجين للآخر بعد وفاته ، وحتى لو قيل ببقاء العقد الشرعي بعد الموت ، لكن يجب أن يؤخذ هذا الأمر من ناحية ثانية ، وهيه الناحية الأخلاقية والأدبية ، وكذا من ناحية عرف الناس وعادتهم ، التي هي في مثل هذه القضايا لا تكاد تفارق النطاق العام للأحكام الشرعية الإسلامية كما أننا نعلم أن الإسلام قد حث علا مكارم الأخلاق ، ونهى عن سفسافها ، فإذا كانت المرأة حال حياتها ، لكن قد تكون في حالة مرضية شديدة ، فإن زوجها حينها تعف نفسه عنها إحتراماً لها ولنفسه ، ورحمة ورأفة بها ، وكذا لو كانت في حالة الدورة الشهرية أو بعد وضع الولد ، فإن نفسه تأبى أن يأتيها ، فكيف حين إذن تطيب نفس أحد من الناس أن يأتي زوجته وهي ميتة ، والأدهى إرادة استصدار قانون يمارس هاذا الأمر من خلاله ، أقول : في الحقيقة لقد صارت النزوات الشهوانية ، والشبق الجنسي ، صار الإنسان يغلب فيه الحيوان ـ عياذن بالله تعالى ـ حيث صار الإنسان يمارس صور من الجنس ، لا يفعلها الحيوان ، فضلاً عن عقلاء البشر وأكابرهم ، فنرى من الناس من يمارس أموراً مع زوجته يترفع عنها الثور حتى صارت تصدر هذه الأمور من بعض من ينتمي أو ينتسب الى العلم ، وصار يطلب فيها إصدار قانون يحمي ممارستها ، ولا أدري أي عقول هذه التي تطلب قانوناً في هذه الرذائل ، فإلا أي حد وصلت الأمة من استزاف اخلاقها إلى أن تصل إلى خلق لم تمارسه أمة من الأمم ، وما عهدناه أن أمة الإسلام تقلد الأمم غيرها ، لكن ما أظن أن الأمم ستقلدها في هذا الأمر شريطة أن ترى هذه الأمم أن هذا الفعل تعبير صحيح عن تقديس الميت و محبته ، ولا أظنها ستفعل ذلك .
ثم تخيل معي لو أن قانوناً صدر في مثل هذا ، وأن رجلاً جاء لغرفة تغسيل زوجته والمرأة بين أيدي النساء يردن تغسيلها ، فاستأذن أن يدخل ليمارس الوداع الأخير ، وورقة القانون بيده يحتج بها ، فأي حضيد من الوحل والنتن الأخلاقي يكون قد وصل اليه هذا الرجل ومن أصدر له القانون .
وأذكرك أن من أهل العلم قد منعوا كلن من الزوجين أن يغسل أحدهم الآخر بعد الموت ، فما بالك لو قام أحدهم من قبره فوجد قانوناً يبيح الوداع الأخير فما الذي يحصل له حينها .
ومن الأعمال ما تكون في أصلها مباحة ، لكن لا يمارسها الناس ، إما حياءاً وإما ترفعاً عنها ، ثم يأتينا من يتكلم باسم العلم بجوازها والحض على فعلها زعماً بأن الأصل الجواز ، قلت : لو طبق هذا لم يبق من المروءات شيء ، وأنا أرى أن من دعى إلى إصدار قانون لهذا الأمر ، فلا بد أن يصفع ، ويطاف بذكره بين الناس يقال : هذا عدو الأخلاق والمروءات .
والله أعلم وصلى الله علي سيدنا محمد
كتبه : سمير مراد
24/9/1433
12/8/2012