الرئيسية / الكتب / علوم القرآن

علوم القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

من العلوم المهمة بل الضرورية ، التي على طالب العلم الإلمام بها ، معرفة ما يتعلق بكتاب الله تعالى ، إذ هو الأصل في استنباط الأحكام الشرعية ، ويتعلق بكلام الله تعالى علوم مهمة ، كمعرفة القراءات والنسخ وغير ذلك  ، وهذه رسالة لطيفة تجمع أهم ما يحتاج إليه الطالب لإكمال جدول المرحلة الأولى في الطلب ، وما هذا إلا من باب حرصي على طلبة العلم ، بأن يلتفتوا إلى الأهم قبل المهم ، وحتى لا يفوتهم قطر الطلب ثم يندمون ، فتمام النصيحة توجب علينا بيان الطريق السليم في الطلب ، خيراً من العشوائية التي يعيشها الطلبة ، ثم تطول عليهم المدة والسنوات ، فيجدون أنفسهم قد دخلوا هرم العلم من أعلاه ، حتى إذا ظنوا أنهم قد بلغوا ، وإذا بهم يحتاجون أن يعودوا ويبدأوا من جديد .

 

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

 

الثلاثاء 1/1/1432

7/12/2010

سمير مراد

تحميل الكتاب

القرآن

القرآن

القرآن الكريم ، رسالة الله تعالى إلى رسوله ـ عليه  الصلاة والسلام ـ ، ليبلغها الناس ، ليعبدوا الله على علم ، ويتركوا ما يعبدون من دونه ، وهو كتاب خالد إلى قيام الساعة ، ولشرفه كثرت اسماؤه ، فمنها : الكتاب ، الفرقان ، الذكر ، التنزيل، وغير ذلك .

والقرآن هو : كلام الله تعالى على الحقيقة ، أنزله بواسطة جبريل على رسوله محمد

ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، المتعبد بتلاوته المعجز بنظمه .

وعليه فللعلماء في تنزلات القرآن أقوال ، أصحها أن الله  نزل القرآن مفرقاً بواسطة جبريل إلى رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ مباشرة ، ودعوى إنزاله جملة إلى بيت العزة ضعيف عندي ، فليس هناك شيء اسمه بيت العزة ، بل من ربنا إلى جبريل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، كلما احتاج الناس إلى إنزال القرآن ، نزل به جبريل

ـ عليه السلام ـ .

 

الوحي

الوحي

الوحي ظاهرة طبيعية من جنس الخلق ، فلا غرابة فيها ولا إنكار ، وكون الوحي خفي عنا ، فلا يعني ذلك عدم وجوده ، وبعض المظاهر في  العلم الحديث باتت تؤيد وجود الوحي بما لا يدفعه .

والوحي : الإشارة السريعة في خفاء ، كما قال تعالى : ( فأوحى إليهم أن سبحوا ) ، وقد يكون على معانٍ مختلفة مثل :

1ـ الوحي الذي هو جبريل ، قال تعالى ( نزل به الروح الأمين ) مع قوله :

( إنا أوحينا إليك ).

2ـ ويكون بمعنى الإلهام : ( وأوحينا إلى أم موسى) ومنه قوله ـ عليه السلام ـ :”إن يكن من أمتي محدَِّثون ـ أي ملهمون ـ يكن عمر بن الخطاب “.

3ـ الغريزة الحيوانية: ) وأوحى ربك إلى النحل ).

4ـ وسوسة الشيطان لأعوانه بالشر 🙁 وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ).

5ـ ما يلقيه الله إلى ملائكته:( إذ يوحي ربك إلى الملائكة).

ووحي الله إلى رسوله منوّع ، فقد يكون برؤيا منام، وقد يكون بالكلام الألهي من وراء حجاب ، وقد يكون بطريق جبريل ولا يكون هذا إلا بطريقتين :

الأول : ظهوره على هيأة رجل .

الثاني : أن يكون على الهيأة الملكية ، وهذه لا تكون إلا في وحي القرآن .

وقد ثبتت النصوص بذلك ، فتقول عائشة ـ رضي الله عنهاـ :” أول ما بدئ به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرؤيا الصالحة”.

وثبت تكليم الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من وراء حجاب دون رؤية الله من قبل النبي على الصحيح يوم المعراج .

وثبت أن جبريل جاء على هيأة رجل أعرابي ، وأما وحي القرآن فقد جاء عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ،- صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال جواباً على سؤال : ” أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده علي ،فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال “.

وقالت ـ رضي الله عنها ـ:” ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً”.

قلت : كما قال تعالى 🙁 وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بأذنه ما يشاء إنه علي حكيم ).

 

المكي والمدني

المكي والمدني

آيات الكتاب العزيز وسوره ، إما أن تكون مكية ، وإما أن تكون مدنية ، وللعلماء أقوال في تعريف ما هو المكي من القرآن ، وما هو المدني ،وفي النهاية أرى أن أحسن ما يقال في ذلك : أن المكي ما نزل قبل الهجرة وإن نزل في المدينة، وأن المدني ما نل بعد الهجرة وإن نزل في مكة .

وتكمن أهمية معرفة المكي والمدني في الوقوف على ما نزل قبل وما نزل بعد من الآيات، كمعرفة أسباب النزول والتفسير ، وخصوصاً معرفة الناسخ من المنسوخ ، وما تتضمنه الآيات من الأحكام إذ الآيات المكية تختلف إجمالاً في موضوعاتها عن الآيات المدنية .

ولتسهيل معرفة المكي من المدني ، وضع أهل العلم بعض الفوارق بينها ، منها :

1ـ السور التي فيها سجدة مكية .

2ـ السور التي فيها لفظ (كلا) مكية .

3ـ السور التي فيها (يأيها الناس) وليس فيها (يأيها الذين آمنوا) مكية ، إلا سورة الحج ففي آخرها (يأيها الذين آمنوا) ، ومن أهل العلم من يرى أن هذه الآية أيضاً مكية كالسورة .

وغير ذلك مما ذكروه ، وأيضاً ذكروا فوارق من حيث الموضوعات ، فالسور المكية تتحدث عن التوحيد وإفراد الله بالعبادة ، وإثبات الرسالة ، وإثبات البعث بعد الموت وغيرها، والمدنية فيها التشريع عموماً وفضائل الأعمال والأخلاق وغيرها.

هذا وإن أول ما نزل (اقرأ باسم ربك) وآخر ما نزل (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله)، وكل هذا على الراجح من أقوال أهل العلم.

 

أسباب النزول

أسباب النزول

اعتنى العلماء بهذا الموضوع ، لشدة الحاجة إليه ، في بيان أحكام الشرع ، فسبب النزول قد يكون نصف علم المسألة التي يحتاج إليها .

وسبب النزول يؤخذ من نص عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو من تصريح من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ، ومن أهل العلم من قبل الإشارة من الصحابي ، لأن هذا الأمر مما لا يمكن الصحابة أن يتكلموا فيه من غير مستند لهم عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، لكنهم قد لا يذكرونه صراحة ، قلت: والصواب: أنه لا يؤخذ سبب النزول إلا من نص من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أو من تصريح من الصحابة

-رضي الله عنهم -جميعاً .

فوائد معرفة أسباب النزول :

1ـ بيان حكمة الشرع في بعض الأحكام التي جاءت مراعية مصالح العباد .

2ـ قد يكون السبب مبيناً ما أجمل في النص .

3ـ سبب النزول سبيل لمعرفة معاني النصوص .

4ـ سبب النزول يوضح المعنى المقصود أصالة حتى لا يحمل على معنىً باطل .

 

جمع القرآن وترتيبه

جمع القرآن وترتيبه

نزل القرآن منجماً حسب الوقائع والحوادث ، فكلما احتاج المسلمون لحكم ، أنزل الله تعالى جبريل بالقرآن مبيناً الحكم ، كما قال تعالى :(وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)، وقال تعالى:(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)، وقال:(إنا أنزلناه في ليلة مباركة) وقال:( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه هذا القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا).

فالقرآن ابتدئ نزوله في شهر رمضان في ليلة القدر موزعاً على حياة رسول الله

ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكما سبق أن ذكرت، لا يصح القول بنزوله جملة إلى بيت العزة في السماء، ثم نزل منجماً على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وإن ثبت ذلك عن ابن عباس، لأن هذا يحتاج إلى دليل خاص والله أعلم .

قلت: وقد انتقل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الرفيق الأعلى، والقرآن مكتوب على الأوراق وغيرها وموزع عند الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، فقد كان محفوظا ً عندهم في صدور بعضهم أولاً، ثم بين أيديهم ثانياً .

ومن الأدلة على أن القرآن كان مكتوباً في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أنه كان كتبةللوحي، كعلي ومعاوية وأبيّ بن كعبْ وزيد بن ثابت وغيرهم.

حتى إذا قبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقام أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ بعده ، وحدث في عهده ما حدث، حيث استشهد في معركة اليمامة سبعون قارئاً من الصحابة، فدخل عمر بن الخطاب على أبي بكر مشيراً عليه بجمع القرآن بين دفتين، فتوقف أبو بكر أولاً، فبقي به عمر حتى شرح الله صدره لذلك، فانتدب زيد بن ثابت لهذا الفعل العظيم حتى أتمه في قصة ذكرها البخاري في صحيحه ـ رحمه الله تعالى ـ، وكان هذا الجمع نسخة واحدة فقط.

حتى إذا تقادم الزمن، واتسعت الفتوحات الإسلامية، وكانت غزوة أرمينية وأذربيجان، حصل اختلاف بين القراء في بعض حروف القرآن, فأفزع ذلك حذيفة بن اليمان, فقفل راجعاً إلى عثمان فأخبره الخبر, فقال لعثمان: ” أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى”, فأحضر عثمان المصحف وكان عند حفصة بعد وفاة أبيها, فأمر زيد بن ثابت, وعبدالله بن الزبير, وسعيد بن العاص, وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام, فنسخوها في المصاحف, وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: “إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش, فأنه إنما نزل بلسانهم” ففعلوا, فجمع عثمان الناس على مصحف واحد, برسم يحتمل لهجات الناس, ثم نسخ عدة نسخ أرسلها إلى: الشام، والبصرة, والكوفة, وأبقى واحدا عنده على قول أكثر أهل العلم, وأتلف ما وراء ذلك والله أعلم.

 

الأحرف السبعة

الأحرف السبعة

ليست لهجات العرب على نمط واحد, بل كانت لهجاتهم مختلفة, فمن العرب من يُميل, ومنهم من يلفظ الجيم ياءً, والقاف مشربة بالكاف, ومنهم من لا يمكنه نطق القاف مطلقاً, وهكذا, ولذا كان لا بد من نسخة تبيح للناس قراءة كلام الله تعالى حسب قدرتهم, فأنهم إن كلفوا صورة أو لهجة واحدة, كان ذلك حرجاً أو مانعاً من القراءة, و (لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إلا وُسْعَها), (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدِّينِ مِن حَرَجٍ), فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أقرأني جبريل على حرف فراجعته, فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف” رواه الشيخان.

والروايات في هذا مستفيضة كثيرة.

لكن لبّ البحث إنما هو في معرفة: ما المراد بالأحرف السبعة؟!

فمن قائل: هي سبع لغات, وقيل سبعة وجوه في المعنى الواحد, وقيل غير ذلك.

قلت: وهذا كله يحتاج إلى فحص وتدقيق, لأن عثمان رضي الله عنه ألغى كل هذا إلا شيئاً واحداً لا يسلم غيره, خصوصاً أنه – رضي الله عنه – أمر الكتبة أن يكتبوه بلغة قريش, فعليه لا يسلم إلا أن يقال: الأحرف السبعة عدد غير مقصود, وإنما المقصود التوسعة على الناس أن يقرأ كل قوم بما يعرفون, ولا يلزمون بحرف دون آخر, ولا يقال بالتزام وجه في القراءة دون غيره, فمن كان من أهل الإمالة أمال, ومن كان من أهل العنعنة – وهي قلب الحاء عيناً – عنعن, ولا يقال فيه إنه محرف للقرآن, لأنه لا يستطيع غير ذلك إلا بتكلف.

وعلى هذا الرأي الذي أرجحه, لا يقال إن القراءات من حيث نوعها من الشرع, لأن الاجتهاد في وجوهها مقبول وحاصل, ولذا نجد أمثال الطبري أحياناً قد يضعف وجه قراءة لأحد الأئمة الذين تنسب إليهم القراءات, ومنهم من رد الثلاث قراءات غير السبعة المشتهرة, وهكذا والله اعلم.

وعليه فالقراءات غير الأحرف السبعة, إذ القراءات اختيارات لأصحابها, يجوز للناس أن يقرؤوا بها دون إلزام وجهٍ ما, والقرّاء السبعة هم:

أبو عمو البصري, نافع المدني, عاصم الكوفي, ابن كثير المكي, ابن عامر الشامي, الكسائي الكوفي, حمزة الكوفي.

وأما الثلاثة الأُخر المختلف بينهم:

أبو جعفر المدني, يعقوب البصري, خلف الملقب بالعاشر, وهو بغدادي.

 

الناسخ والمنسوخ

الناسخ والمنسوخ

النسخ إما هو إزالة ومحو, أو نسخ, نقول: نسخت الشمس الظل أي أزالته, ونقول: نسخت الكتاب أي نقلته أو نقلت ما فيه إلى موضع آخر مع بقاء ما فيه.

والنسخ جائز وواقع في الشرع, وهذا مذهب الكافة ولا عبرة بالمخالف لشذوذه, قال تعالى: ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةً أوْ نُنْسِها نَأتِ بِخَيْرٍ مِنْها أو مِثْلِها).

وعليه فالنسخ: رفع حكم شرعي متقدم بآخر متأخر عنه، إما من كتاب أوسنة ثابتة .

والنسخ يكون في الأحكام التكليفية المتعلقة بالأمر والنهي، فأما العقائد وثوابت الدين والأخلاق والأخبار فلا نسخ فيها ما لم تتضمن حكماً تكليفياً، شريطة ألا يكون الحكم من باب البيان أو التخصيص أو التقييد، فهذا لا يسمى نسخاً.

أقسام النسخ:

1ـ نسخ القرآن بالقرآن كعدة الحول.

2ـ نسخ القرآن بالسنة النبوية عموماً، الصحيح جوازه لأن الكل وحي.

3ـ نسخ السنة بالقرآن كالقبلة.

4ـ نسخ السنة بالسنة والصحيح جوازه.

أنواع النسخ في القرآن :

1ـ نسخ التلاوة والحكم معاً: مثاله ما رواه مسلم عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:” كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات”.

2ـ نسخ الحكم وبقاء التلاوة: مثاله: نسخ حكم آية العدة بالحول مع بقاء تلاوتها، فقال تعالى أولاً:(إلى الحول غير إخراج) ثم قال:(فعدتهن أربعة أشهر وعشراً).

3ـ نسخ التلاوة مع بقاء الحكم: مثل آية الرجم:(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة).

النسخ إلى بدل وإلى غير بدل:

1ـ النسخ إلى بدل:

  • بدل مماثل: كنسخ التوجه من القدس إلى مكة.
  • بدل أثقل: كنسخ الحبس في البيوت في عاقبة الفاحشة إلى الجلد أو الرجم، قال تعالى:(واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فأن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً)، فجعل الله لهن سبيلا في قوله:(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما ماْئة جلدة…….).

ج- إلى بدل أخف: نسخ حكم قوله تعالى:(كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)، نسخت بقوله تعالى:(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم).

2- النسخ إلى غير بدل: وليس لهذا إلا مثال واحد لعدم وقوعه في غيرها، وهي نسخ الصدقة بين يدي نجوى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال تعالى:(يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة)، نسخت بقوله تعالى:(أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فأذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة).

قلت: ومن أقوى الأمثلة على النسخ ما أجمع العلماء على نسخه وهي نسخ القبلة.

 

إعجاز القرآن

إعجاز القرآن

 

قال تعالى:(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) وقال:(قل فأتو بعشر سور من مثله ) وقال تعالى:(قل فأتوا بسورة من مثله)، والإعجاز هو: عدم القدرة على الفعل مع التمكن والطاقة، هذا هو الصحيح، أن الله تعالى أعطى القدرة للناس فعجزوا.

قلت: ووجه الإعجاز في نظم القرآن وبلاغته ولغته العظيمة العالية، ولذا فأن  الوليد بن المغيرة لما وصفه وهو من هو بلاغة وفصاحة قال:”فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني لا برجَزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، ووالله ما يشبه الذي يقوله شيئاً، ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله……….”.

قلت: وقد جرت سنة الله الكونية، أن تكون معجزة كل نبي من جنس ما يتقنه قومه، فكانت معجزة موسى قلب السحر على السحرة بالحق، ومعجزة عيسى بالطب وإحياء الموتى بأذن الله، ولذا كانت معجزة رسول الله- صلى الله عليه وسلم – بالبلاغة والفصاحة، وعليه فلست مع من يقول: بأن في القرآن إعجازاً علمياً أو اقتصادياً أو غير ذلك، وإنما فيه من علوم الغيب ما يعلمه الله تعالى، والله أعلم.

 

التفسير والتأويل والمحكم والمتشابه

التفسير والتأويل والمحكم والمتشابه

التفسير والتأويل مترادفان عند المتقدمين والسلف، ولذا كان اسم تفسير الطبري: جامع البيان في تأويل – أي تفسير – آي القرآن، وكان يقول: القول في تأويل قوله تعالى – أي: تفسير -.

والتفسير هو: بيان معاني كلام الله تعالى مفرداً أو مركباً، عاماً أو خاصاً أو غير ذلك، والتأويل مثله.

لكن قد يكون معنى التأويل أنه حقيقة الشيء عن المخبر عنه كقوله تعالى:(هل ينظرون إلا تأويله)أي: مجيء حقيقته .

لكن جاء بعض المتأخرين فجعل معنى التأويل على غير ما عرفه السلف إذ جعلوه: صرف اللفظ عن ظاهره من المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لقرينة، وكل هذا من أجل إثبات ما يعرف بالمجاز، الذي يتوصل به إلى تأويل أو تحريف أو إبطال صفات ومعاني صفات ربنا جل وعلا، وهذا من الباطل الذي يرفضه عامة بل كل السلف رحمهم الله تعالى .

 

وأما المحكم والمتشابه

وأما المحكم والمتشابه

فقد قال تعالى:(كتاب أحكمت آياته ثم فصلت)، وقال عزوجل:(الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً) وقال جل وعلا:(فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله).

وعليه فكتاب الله كله محكم، أي: متقن لا اختلاف فيه،(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)، وكله متشابه: أي يشبه بعضه بعضاً في القوة والإحكام.

وأما على المعنى الاصطلاحي: فأحسن شيء عندي أن المحكم: هو كل ما تعلق بثوابت الدين والغيب والأخلاق، وكل حكم تكليفي واضح الدلالة.

والمتشابه، كل ما وراء ذلك، فالمنسوخ من المتشابه فلا يجوز العمل به، والعام المخصص من المتشابه فلا يجوز العمل بالعام دون العمل بما خصصه، ومثله المطلق والمجمل وغير ذلك مما يحتاج إلى غيره لبيانه، فالعمل بدون المبين على ما ذكرنا اتباع لما تشابه منه، وليست صفات ربنا عزوجل من المتشابه، بل من المحكم قطعاً لأنها من الأخبار، والخبر لا سبيل إلا إلى تصديقه لأنه خبر الله أو خبر رسوله، ولا سبيل إلى نسخه وإبطاله، فيظل محكماً لا متشابهاً والله أعلم.

 

فوائد وقواعد مهمة في التفسير

فوائد وقواعد مهمة في التفسير

النكرة في سياق النفي تعم، مستفاد من قوله تعالى:(ولا يظلم ربك أحداً، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين).

وفي الاستفهام من قوله تعالى:(هل تعلم له سمياً).

وفي الشرط من قوله:(فإما ترين من البشر أحداً)، (وإن أحد من المشركين استجارك).

وفي النهي من قوله تعالى:(ولا يلتفت منكم أحد).

وفي سياق الإثبات، بعموم العلة والمقتضى قوله:(علمت نفس ما أحضرت).

وإذا أضيف إليها “كل” نحو:(وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد).

ومن عمومها بعموم المقتضى(ونفس وما سواها)

ويستفاد العموم من المفرد المحلي باللام من قوله:(إن الإنسان لفي خسر)وقوله:(ويقول الكافر).

وعموم المفرد المضاف من قوله:(وصدقت بكلمات ربها وكتبه)،[وكتابه].

قرأ أهل البصرة وحفص:[وكتبه] على الجمع.

وقرأ الآخرون:[وكتابه]على التوحيد.

وقوله:(هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) والمراد جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم.

وعموم الجمع المحلى باللام من قوله:(وإذا الرسل أقتت). وقوله:(وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم). وقوله تعالى:(إن المسلمين والمسلمات) إلى آخرها. والمضاف من قوله:(كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله).

وعموم أدوات الشرط الأسماء من قوله تعالى:(ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما). وقال:(فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره). وقال:(وما تفعلوا من خير يعلمه الله). وقوله:(أينما تكونوا يدرككم الموت). وقوله:(وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره). وقوله:(وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم). وقوله:(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) هذا إذا كان الجواب طلباً مثل هاتين الآيتين .

فإن كان خبراً ماضياً، لم يلزم العموم كقوله:(وإذا رأو تجارة أو لهواً انفضوا إليها)(إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله).

وإن كان مستقبلاً، فالتزموا ردّ العموم كقوله تعالى:(وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون).

وقوله:(وإذا مروا بهم يتغامزون) وقوله :(إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون).

ويستفاد كون الأمر المطلق للوجوب، من ذمه لمن خالفه، وتسميته إياه عاصياً، وترتيبه  عليه العقاب العاجل أو الآجل.

ويستفاد كون النهي للتحريم، من ذمه لمن ارتكبه، وتسميته عاصياً، وترتيبه العقاب على فعله.

ويستفاد الوجوب، بالأمر تارة، وبالتصريح بالإيجاب والفرض والكتب، ولفظة “على”، ولفظة “حق العباد وعلى المؤمنين” وترتيب الذم والعقاب على الترك وإحباط العمل بالترك وغير ذلك.

ويستفاد التحريم من النهي، والتصريح بالتحريم والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل.

وتستفاد الإباحة من لفظ الإحلال، ورفع الجُناح، والإذن، والعفو، و”إن شئت فافعل” و”إن شئت فلا تفعل”، ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع، وما يتعلق بها من الأفعال نحو :(ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين) ونحو:(وبالنجم هم يهتدون). ومن السكوت عن التحريم، ومن الإقرار على الفعل في زمن الوحي.

وضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور:

التذكير، والوعظ، والحث، والزجر، والاعتبار، والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره في صورة المحسوس، بحيث تكون نسبته للعقل، كنسبة المحسوس إلى الحس.

وتأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر، وعلى المدح والذم، وعلى الثواب، وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره، وعلى تحقيق أمر، وإبطال أمر.

ومن علوم القرآن، الأمر، والنهي الموجهان لهذه الأمة وغيرها، وهذاهو المقصود منهم، وفي معرفة ذلك عدة فوائد:

منها: أن الله تعالى حث على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، وذم من لم يعرف ذلك. ومن أعظم ما يجب معرفة حدوده، الأوامر والنواهي، التي كلفنا بها، وألزمنا بالقيام بها وتعلمها وتعليمها. ولا سبيل إلى امتثالها، أو اجتنابها، إلا بمعرفتها، ليتأتى فعلها أو تركها.

وذلك أن المكلف إذا أُمر بأمر، وجب عليه أولاً، معرفة ما هو الذي أمر به، وما يدخل به، وما لا يدخل. فإذا عرف ذلك، استعان بالله، واجتهد في امتثاله بحسب القدرة والإمكان.

وكذلك إذا نُهِيَ عن أمر من الأمور، وجب عليه معرفة ذلك المنهي وحقيقته، ثم يبذل جهده، مستعيناً بربه، على تركه، امتثالاً لأمر الله، واجتناباً لنهيه.

وامتثال الأمر، واجتناب النهي، كل منهما واجب، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب. فعرفت أن العلم بها قبل العمل، ومتقدم عليه. ومنها: أن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يمكن حصولها وتحصيلها، إلا بعد معرفة الخير، ليدعو إليه، ومعرفة المعروف ليأمر به، ومعرفة المنكر لينهى عنه، والقرآن مشتمل على ذلك أعظم اشتمال، ومتضمن له أكمل تضمن.

ومن علوم القرآن، أحوال اليوم الآخر، وهو ما يكون بعد الموت، مما أخبر به الله في كتابه، أو أخبر به رسوله من أهوال الموت، والقبر، والموقف، والجنة والنار،وفي العلم بذلك فوائد كثيرة:

منها: أن الإيمان باليوم الآخر، أحد أركان الإيمان الستة، التي لا يصح الإيمان بدونها.

وكلما ازدادت معرفته بتفاصيله، ازداد إيمان العبد به.

ومنها: أن العلم بذلك حقيقة المعرفة، يفتح للإنسان باب الخوف والرجاء، اللذَين إن خلا القلب منهما، خرب كل الخراب، وإن عمر بهما، أوجب له الخوف الانكفاف عن المعاصي، والرجاء تيسير الطاعة وتسهيلها، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة تفاصيل الأمور، التي يخاف منها وتحذركأحوال القبر وشدته، وأحوال الموقف الهائلة، وصفات النار المفظعة.

وبمعرفة تفاصيل الجنة وما فيها من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، ونعيم القلب والروح والبدن، فيحدث بسبب ذلك، الاشتياق الداعي للاجتهاد في السعي للمحبوب المطلوب، بكل ما يقدر عليه.

ومنها: ان يعرف بذلك، فضل الله وعدله في المجازاة على الأعمال الصالحة والسيئة، الموجب لكمال حمده، والثناء عليه بما هو أهله. وعلى قدر علم العبد بتفاصيل الثواب والعقاب، يعرف بذلك فضل الله، وعدله وحكمته.

ومن علوم القرآن مجادلة المبطلين ودفع شبه الظالمين، وإقامة البراهين العقلية الموافقة للأدلة النقلية. وهذا الفن من علوم القرآن، من خواص العلماء الربانيين، والجهابذة وقد اشتمل القرآن على الأدلة العقلية، والقواطع البرهانية، ما لو جمع ما عند جميع المتكلمين من حق، لكان بالنسبة إليه، كنقرة عصفور، بالنسبة لماء البحر.

 

آداب التلاوة وبعض أحكام التجويد:

آداب التلاوة وبعض أحكام التجويد:

  • آداب التلاوة:
  • أن يكون القاريء على هيأة حسنة من الجلوس واللباس وغيرهما.
  • الوضوء: وهو على الصحيح مستحب غير واجبٍ سواء كان للقراءة أو لمس المصحف.

ج- أن يقرأ بتدبر وتفكر للمعاني.

د- أن يقرأه مجوداً، فالقراء على وجوب أحكام التجويد أثناء القراءة.

هـ – أن يختمه كل شهر مرة، فأن استطاع فأن يختمه كل أسبوع مرة على طريقة فمي بشوق، فالفاء الفاتحة والميم المائدة والياء يونس والباء بني إسرائيل للاسراء، والشين الشعراء والواو والصافات والقاف ق و القرآن، فيكون يقرأ كل يوم قريباً من خُمسه.

و- أن يتسوك.

ز- أن يستعيذ في البداية وهي واجبة.

ح- أن يبكي إن استطاع وإلا تباكى، هذا فيما بينه وبين نفسه، أما ما نسمعه في التراويح فلا أصل له وهو من التكلف المذموم.

ط- وأخيراً وهو أهمها: إخلاص النية لله تعالى.

فائدة: يجوز قراءة القرآن وهبة ثوابه للغير.

 

أحكام التلاوة

أحكام التلاوة

أحكام النون الساكنة والتنوين:

ولها الأحكام التالية:

  • الإدغام: وهو قسمان: إدغام بغنة وإدغام بغير غنة، وحروفه هي:

( ي ن  م و) وهي حروف الإدغام بغنة،( ل ر) وهي حروف الإدغام بغير غنة.

  • الإظهار: وهو نطق النون أو التنوين بلا غنة ولا إخفاء إذا جاء أحدهما قبل الحروف التالية: ء ، هـ ، ع ، غ ، ح ، خ .
  • الإقلاب: وهو قلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميم مع مراعاة الغنة والإخفاء إذا جاء بعدهما حرف الميم .
  • الإخفاء: وهو إخفاء النون الساكنة أو التنوين مع بقاء الغنة الخفيفة إذا جاء بعدهما أحد الحروف التالية:

ت ، ث ، ج، د ، ذ ، ز ، س ، ش ، ص ، ض ، ط ، ظ ، ف ، ق ، ك .

 

أحكام الميم الساكنة

أحكام الميم الساكنة

ولها حكمان:

الأول: الإظهار الشفوي: وهو أن يأتي بعدها حرف الباء فقط.

الثاني: الإظهار الشفوي: وهو أن يأتي بعدها باقي الحروف.

 

القلقلة: وهي من صفات الحروف، وتكون بزحزحة الحرف الساكن أو المشدد إذا وقف القاريء عليه، وهو كبرى وصغرى وحروفه هي: ق ، ط ، ب ، ج ،د.

 

المـــد

المـــد

 

المد: وهو نوعان من حيث الأصل.

  • ما ليس له سبب سوى اللغة، وهو المد الطبيعي في الألف والواو والياء المديّات.
  • ما له سبب إما فيه كالسكون والهمزمن نفس الكلمة، وإما في غيره كالهمزة في كلمة ثانية ولذا فأقسامه هي:
  • المد الطبيعي.
  • المد اللازم الكلمي المثقل والمخفف، والحرفي المثقل والمخفف.
  • المد الواجب وهو المتصل والمنفصل من طريق الشاطبية والمتصل وحده من طريق الطيبة.
  • المد الجائز وهو المد المنفصل، ومن الجائز المد العارض للسكون ومد اللين.
وباقي الأبحاث في كتب الاختصاص

 

فائدة مهمة: كثير من المعلمين يهتمون بالمخارج، مع أنها ربانية، ونادراً الا يحسن المتحدث المخرج، فالمطلوب التركيز على الصفات أكثر. والله أعلم.

 

وبهذا أكون قد وضعت مباديء هذا العلم، فما على كل طالب علم بعد قراءته إلا أن يتوسع فيه في كتبه المتخصصة المطولة.

وصلى الله على سيدنا محمد

سمير مراد

1 / 1 / 1432

7 / 12 / 2010

شاهد أيضاً

كتاب درج الوصول لورثة الرسول صلى الله عليه وسلم

تحميل الكتاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *